الهرمونات النباتية هي مركبات عضوية طبيعية تُنتج بكميات ضئيلة داخل أجزاء مختلفة من النبات، لكنها تُحدث تأثيرات كبيرة في نموه وتطوره واستجابته للبيئة. وهي تشبه الهرمونات الحيوانية في كونها تنظم وظائف حيوية، لكنها تختلف عنها في عدة جوانب. فبينما تُنتج الهرمونات الحيوانية غالبًا في غدد خاصة وتنتقل عبر الدم إلى أعضاء محددة، فإن الهرمونات النباتية تُنتج في عدة أنسجة مثل القمم النامية والأوراق والجذور، وتتحرك بطرق بسيطة كالنقل عبر اللحاء والخشب أو حتى على شكل غاز كما في الإيثيلين. كما أن الهرمونات الحيوانية عادةً تؤثر في عضو محدد، بينما تعمل الهرمونات النباتية في أكثر من موقع وقد تؤثر على النبات بأكمله حسب الحاجة.
تلعب هذه الهرمونات أدوارًا جوهرية في حياة النبات، فهي تنظم نمو الأنسجة، وتتحكم في التزهير ونضج الثمار وتساقط الأوراق، وتساعد النبات على التكيف مع الضوء والجاذبية، ومقاومة الإجهاد والعدوى، وتحفيز الدفاعات الذاتية. وقد مكّن فهم العلماء لهذه المركبات من تحسين إنتاج الغذاء والتحكم في نمو النباتات بطرق حديثة.
من بين أهم هذه الهرمونات: الأوكسينات، التي تُعد أول هرمون نباتي اكتُشف، وتلعب دورًا في استطالة الخلايا والسيادة القمية. تجربة داروين وابنه في 1880 على نبات الشوفان أثبتت وجود الأوكسينات، حيث لاحظا أن تغطية القمة النامية يمنع انحناء النبات نحو الضوء، مما يشير إلى وجود مادة تنتقل من القمة للأسفل وتحفز النمو، وهي الأوكسين.
أما الجبريلينات، فقد لوحظت لأول مرة في نباتات الأرز المصابة بفطر Gibberella fujikuroi، حيث نما النبات بشكل مفرط. استخلص العلماء هذه المادة لاحقًا واستخدمت لتحفيز نمو السيقان، وكسر سكون البذور، وزيادة حجم الثمار. الجبريلينات تؤدي دورًا كبيرًا في الزراعة خاصةً في زيادة طول النبات وجودة المحصول.
السيتوكينينات، والتي اكتُشفت عند دراسة تأثير لبن جوز الهند على خلايا النبات، ثبت أنها تحفز انقسام الخلايا وتساعد في نمو البراعم الجانبية وتؤخر شيخوخة الأوراق. وتُستخدم هذه الهرمونات في زراعة الأنسجة لإنتاج نباتات كاملة من خلايا مفردة.
أما الإيثيلين، فهو غاز هرموني ينظم نضج الثمار وتساقط الأوراق. اكتُشف عندما لاحظ العمال أن الفواكه القريبة من مصابيح الغاز تنضج بسرعة وتسقط أوراقها. لعب الإيثيلين دورًا مهمًا في الزراعة التجارية حيث يُستخدم لتحفيز نضج الثمار مثل الموز والطماطم.
يُعد حمض الأبسيسيك (ABA) هرمونًا مثبطًا للنمو، ويظهر أثره بوضوح عند تعرض النباتات للجفاف، حيث يحفز إغلاق الثغور لمنع فقدان الماء، ويؤدي إلى سكون البذور ويمنع الإنبات المبكر. عُزل ABA من أوراق نباتات تتعرض للجفاف، ولاحظ العلماء تأثيره الواضح في حماية النبات.
حمض السالسليك بدوره يُعد هرمونًا دفاعيًا، يحفز مناعة النبات ضد العدوى، خاصة الفيروسية. اكتُشف عند ملاحظة زيادة مقاومة نباتات التبغ للفيروسات بعد ارتفاع نسب هذا الحمض فيها، وعند إضافته صناعيًا زادت مقاومتها وانتشرت الإشارات الدفاعية إلى أجزاء النبات كافة.
كما يُعد حمض الجاسمونيك من أهم الهرمونات الدفاعية كذلك، حيث ينشط الدفاع ضد الحشرات ويساعد على التئام الجروح في الأوراق. اكتُشف من نباتات مجروحة، وتبين أنه يحفز إنتاج مركبات كيميائية تطرد الحشرات وتحمي النبات.
أخيرًا، البراسينوستيرويدات، والتي اكتُشفت في حبوب لقاح نبات اللفت، تؤثر في استطالة الخلايا وتعزز النمو، خاصة في ظروف الظل، كما تساعد النبات على تحمل الإجهاد البيئي مثل الحرارة والملوحة، وتؤدي إلى تحسين قوة النبات ومقاومته.
بهذه المنظومة المعقدة والمتكاملة، تُعد الهرمونات النباتية عناصر حيوية دقيقة تنظم حياة النبات وتوجهه في جميع مراحل تطوره، من الإنبات إلى الشيخوخة. وقد أتاح فهمها استخدام تقنيات زراعية متقدمة، مما ساعد في رفع كفاءة الإنتاج النباتي ومواجهة التحديات البيئية.