الذكاء الإصطناعي وعلم الجينات


كيف يشكّل الذكاء الاصطناعي مستقبل علم الجينات؟

هل تخيّلت يومًا أن الذكاء الاصطناعي قد يصبح الشريك الأهم في فهم الجينات؟ في هذا العصر المتسارع، لم يعد علم الوراثة حكرًا على المختبرات، بل أصبح الذكاء الاصطناعي أداة حاسمة تُغيّر شكل البحث والتشخيص والعلاج.


١. تحليل جيني أسرع وأدق

يتميّز الذكاء الاصطناعي بقدرته على التعامل مع كميات ضخمة من البيانات الجينية خلال وقت قياسي. يستطيع التعرّف على أنماط معقّدة لا يراها الباحث بسهولة، مثل الطفرات التي قد تسبّب أمراضًا معينة أو تحدد استجابة مريض لعلاج دون آخر. وهذا يفتح بابًا للطب الدقيق المصمّم خصيصًا لكل فرد.


٢. دمج البيانات الجينية والصور الطبية

في المستقبل القريب، ستُدمج تقنيات الذكاء الاصطناعي مع التصوير الطبي والتحاليل الجزيئية، لتقدّم تشخيصًا أكثر شمولًا ودقة. تخيّل أن تُحلل صورة الأشعة وسلسلة الجينوم في آنٍ واحد، لتخرج بتوصية علاجية فورية ومبنية على بياناتك الخاصة.


٣. دعم تقنيات تحرير الجينات

يساعد الذكاء الاصطناعي العلماء في تحسين أدوات تحرير الجينات مثل CRISPR. من خلال محاكاة مليارات التفاعلات بين الجينات والبروتينات، يمكن تحديد المواقع الأنسب للتعديل بدقة عالية. بل ويمكن تصميم أدوات تحرير جديدة بواسطة الذكاء الاصطناعي، مما يزيد من كفاءة التعديل الوراثي ويقلّل من مخاطره.


٤. نحو طب شخصي أكثر دقة

مع القدرة على تحليل الجينوم الكامل للفرد، يصبح بالإمكان تصميم علاج يناسبه تمامًا. الذكاء الاصطناعي يحسب احتمالية نجاح العلاج، ويتنبأ بالآثار الجانبية، ويقترح البدائل. كل ذلك يُسهم في تحسين جودة الرعاية الصحية وتقليل التجارب غير الضرورية.


٥. تحديات وأخلاقيات

رغم هذه القفزات، لا تخلو الرحلة من تحديات. فتكلفة التقنيات ما زالت مرتفعة، وموثوقية بعض النماذج تعتمد على جودة البيانات. كما تثار مخاوف حول الخصوصية عند التعامل مع بيانات جينية شديدة الحساسية، مما يتطلب أطرًا قانونية صارمة تحمي الأفراد وتضمن استخدامًا مسؤولًا لهذه التقنيات.


الخلاصة

الذكاء الاصطناعي لا يستبدل العلماء، بل يمنحهم أدوات أقوى لفهم أسرار الجينات وتسريع الاكتشاف. نحن أمام تحوّل جذري في علم الوراثة، تقوده التقنية ويصقله العقل البشري، ليصنع مستقبلًا صحيًّا أدق وأكثر إنصافًا.SATI (Single homology Arm donor mediated intron‑Targeting Integration) طوّرت في معهد سالك في 2019، وتهدف لتحسين قدرات التعديل الجيني داخل الخلايا الحيّة، بما في ذلك تلك المنقسمة وغير المنقسمة. تستند SATI إلى دمج نسخة سليمة من الجين المستهدف داخل الإنترون (منطقة غير مشفّرة) باستخدام ناقل جزيئي يحتوي على ذراع ترميم واحدة فقط، مما يتيح مرونة وكفاءة في إصلاح الطفرات عبر مسارات تصليح متعددة DNA .


آلية العمل

  1. تحديد موقع الطفرة الجينية ضمن الإنترون.
  2. تصميم ناقل يحمل نسخة سليمة للجين، ذراع ترميم واحد، وموقع قطع لما يتناسب مع Cas9.
  3. استخدام Cas9 لإحداث قطع مزدوج النتوء في كل من الجين والناقلة.
  4. يتم الإصلاح الجزيئي عبر أحد مسارات تصليح DNA: إما عبر HDR أحادي الذراع oaHDR أو عبر طريق NHEJ
  5. الإدماج في الإنترون يحافظ على الأجزاء المشفرة (exons)، ويقلل خطر إدخالات/حذف غير مرغوب فيها (indels).


فئات الخلايا المستهدفة

  • الخلايا غير المنقسمة (مثل الخلايا العصبية): تم تحقيق دمج فعّال بنسبة عالية (~37٪) عبر oaHDR أو NHEJ ؛ وقد تم إثبات الفعالية باستخدام مؤشر GFP بجين Tubb3 في الفئران
  • الخلايا المنقسمة (مثل HEK293 والخلايا الجذعية): القدرة عبر oaHDR كانت منخفضة، لكن NHEJ عمل بكفاءة أكبر (~18٪ مقابل HDR التقليدي ~1.4٪)


دراسات نموذجية – مرض الشيخوخة المبكرة (Progeria)

  • طبّق الباحثون SATI لتصحيح طفرة سائدة في جين LMNA والتي تسبب مرض Progeria لدى الفئران.
  • تم إدخال النسخة المصححة في الإنترون، ولاحظوا:
    • تحسّن في أنسجة الجلد والطحال.
    • زيادة بنسبة ~45% في متوسط العمر مقارنة بالفئران غير المعالجة.


نطاق التعديل الجيني لطفرات متعددة

  • أظهرت الدراسات قدرة SATI على استهداف طفرات متنوّعة ضمن الإنترونات عبر فئران نموذجية لأمراض كمرض هنتنغتون وغيرها .
  • تسعى SATI لاستهداف مناطق غير مشفرة (~98% من الجينوم)، مما يعزز النطاق التشغيلي مقارنة بتقنيات التحرير الأخرى

الخلاصة

تقنية SATI تمثل جيلًا متقدمًا من أدوات التعديل الجيني، وهي مرشحة بقوة لتصبح جزءًا من العلاجات المستقبلية للأمراض الوراثية، خاصة تلك التي يصعب علاجها بالتقنيات الحالية.



المراجع

https://www.technologynetworks.com/genomics/news/novel-gene-editing-tool-sati-successfully-targets-non-coding-dna-323209

https://www.nature.com/articles/s41422-019-0213-0