لقاءات منصة جين الحوارية
الدكتور: خالد الموسى
بدايةً، من هو الدكتور خالد الموسى؟ كيف تعرّف نفسك للناس خارج المجال العلمي؟
الدكتور خالد الموسى يحمل سجلًا حافلًا بالخبرات العملية والعلمية يمتد لأكثر من ثلاثة عقود، ترك خلالها بصمة واضحة في تطوير صناعات التقنية الطبية الحيوية، الخدمات الطبية والمستشفيات، البحث والتطوير والابتكار، التعليم والتدريب في المملكة العربية السعودية.
تجمع مسيرته المهنية بين المعرفة الأكاديمية المتقدمة والعمل التنفيذي الميداني الذي كان له الدور المحوري في إعادة تشكيل الصناعات الطبية الحيوية محلياً وإقليميًا. خلال هذه الفترة، تصدّر الدكتور الموسى قيادة مشاريع إستراتيجية لتطوير الحلول المستدامة والابتكارات التي عززت قدرات المملكة في مواجهة تحديات القطاعين الطبي والصناعي.
الدكتور خالد الموسى يُعرف على نطاق واسع بأنه عرّاب صناعة التقنية الحيوية في المملكة العربية السعودية أو "الأب الروحي" وهو لقب مرموق منحه له معالي الدكتور حسين الجزائري، المدير الإقليمي السابق لمنظمة الصحة العالمية لمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، وزير الصحة السعودي السابق، ومؤسس كلية الطب في جامعة الملك سعود بالرياض، المملكة العربية السعودية.
الدكتور خالد الموسى لا يُعد مجرد قائد في مجاله، بل رمزًا للرؤية المستقبلية والتفاني اللامحدود. إنعكست جهوده بشكل كبير على تطوير الكوادر الوطنية، توسيع الشراكات الدولية، ودفع الابتكارات التي أسهمت في تمكين المملكة لتكون رائدة عالميًا في المجالات الصحية والصناعات التكنولوجية.
الريادة في نقل التقنية والتوطين والصناعات الطبية الحيوية
قاد الدكتور الموسى جهود توطين صناعة التقنية الطبية الحيوية، مستعينًا بتقنيات عالمية متقدمة لتأسيس المملكة كمركز رئيسي للصناعات الطبية الحيوية. تشمل إنجازاته:
أسس الشركة السعودية للصناعات الطبية الحيوية (سعودي بايو) ويعتبر أول مصنع والوحيد لصناعة الإنسولين في المملكة العربية السعودية وذلك بالتعاون مع أكبر شركة في العالم لصناعة الإنسولين وهي شركة (Novo Nordisk)
وبعد النجاح في توطين صناعة الإنسولين في السعودية، تم توقيع إتفاقية توطين صناعة أدوية علاج الأورام والأمراض السرطانية مع شركة) (Sandoz-Novartis العالمية.
خلال جائحة كورونا، لم تستطيع المملكة العربية السعودية إنتاج لقاح كوفيد 19 محلياً وذلك لعدم وجود مصنع للقاحات وهي الدولة الوحيدة من دول العشرين(G20) والتي لا يوجد فيها مصنع لقاحات بشرية.
وإستشعاراً بالمسؤولية الوطنية تجاه الوطن فقد قرر الدكتور خالد الموسى تأسيس شركة لقاح للصناعة في العام 2022 والتي تقوم حالياً في بناء أكبر مصنع للقاحات البشرية في الشرق الأوسط والأول في المملكة العربية السعودية وسوف يبدأ المصنع في الإنتاج خلال العام 2027 وبالتعاون مع أكبر شركة لقاحات في العالم وهي شركة (CSL Seqirus)
تأسيس منظومة قطاعات التقنية الطبية الحيوية:
قام الدكتور الموسى بتأسيس شركات مبتكرة تُعالج مختلف جوانب سلسلة القيمة في قطاع التقنية الطبية الحيوية، لكل منها دور محوري في تعزيز النمو والابتكار ونقل التقنية والتوطين:
Biotechnology Innovation Company for R&D:
وبهدف التكامل بين مختلف قطاعات سلسلة القيمة في مجال التقنية الطبية الحيوية، قام الدكتور خالد الموسى كذلك بتأسيس شركة الإبتكارات الحيوية للبحث والتطوير والإبتكار. تعمل الشركة من خلال تأسيس منظومة بحثية وعلمية متكاملة. حيث تم توقيع إتفاقية للبحث والتطوير والإبتكار مع أحد أهم مراكز الأبحاث في العالم في مجال تطوير اللقاحات والأدوية الحيوية وهو مركز تطوير اللقاحات بكلية بايلور للطب في هيوستن -تكساس، الولايات المتحدة الأمريكية. (Center for Vaccine Development at Baylor College of Medicine, Houston, USA)
وفي هذا الإطار وقعت شركة الإبتكارات الحيوية للبحث والتطوير إتفاقية تعاون للبحث والتطوير والابتكار في مجال اللقاحات مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية (KACST) وذلك خلال العام 2024، وشملت الإتفاقية تخصيص مختبرات بحثية للشركة مع المساهمة في تدريب الكوادر الوطنية وتسجيل براءات إختراع في مجال إكتشاف وتطوير اللقاحات والأدوية الحيوية.
كما حصلت الشركة مؤخراً على موافقة المعهد الوطني لأبحاث الصحة على تمويل بحثي ضمن مبادرة المعهد لدعم أبحاث التقنيات الحيوية، وذلك لإجراء الدراسات السريرية على لقاح متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS)، إضافة إلى حصولها على موافقة مبدئية من مركز الملك عبد الله العالمي للأبحاث الطبية (KAIMRC) للبدء في الدراسات السريرية.
BioEra Company:
تعمل الشركة في مجال الهندسة الصناعية لبناء المصانع وإدارة المشاريع وتهدف إلى تحسين البنية التحتية لتأسيس مصانع متطورة ومتخصصة في مجال التقنية الطبية الحيوية في المملكة العربية السعودية من خلال الشراكة مع خبراء عالميين مثل: Keyplants,Zyme Biotech, Inotek, Valgenesis, Askgxp))
Dr. Khaled Al-Mosa Consulting Firm:
وفي مجال التعليم والتدريب في التقنية الطبية الحيوية، قام مكتب الدكتور خالد الموسى للإستشارات بالتعاقد مع المعهد الوطني الإيرلندي لأبحاث وتدريب التقنية الحيوية (The National Institute for Bioprocessing Research and Training - NIBRT) لتقديم أنواع مختلفة من الدورات التدريبية النظرية والعملية للمتخصصين من أبناء وبنات الوطن. حيث تهدف الإتفاقية لتأسيس فرع للمعهد الوطني الإيرلندي لأبحاث وتدريب التقنية الحيوية في المملكة العربية السعودية وسوف يكون المقر الأول للمعهد في الشرق الأوسط في مدينة الرياض.
المنظومة المتكاملة للتقنية الحيوية:
أنشأ الدكتور خالد الموسى منظومة متكاملة ومستدامة للتقنية الطبية الحيوية، تغطي جميع العناصر المتكاملة لتوطين الصناعة ونقل التقنية، بما في ذلك:
الصناعات الطبية الحيوية
نقل التقنية وتوطين صناعة الإنسولين في المملكة العربية السعودية
نقل التقنية وتوطين صناعة أدوية علاج الأورام والأمراض السرطانية في المملكة العربية السعودية
نقل التقنية وتوطين صناعة اللقاحات البشرية في المملكة العربية السعودية
البحث والتطوير والإبتكار
تأسيس البنية التحتية للبحث والتطوير والإبتكار
تأسيس برنامج الدراسات السريرية للقاحات
التطوير المهني والتدريب
التعاون لتأسيس معهد متخصص للتعليم والتدريب في مجال صناعات التقنية الطبية الحيوية واللقاحات والعلاج الخلوي.
الحلول الهندسية لبناء وتأسيس مصانع الأدوية الحيوية
تأسيس منظومة متكاملة للهندسة الصناعية وإدارة المشاريع المتخصصة لتأسيس وبناء مصانع الأدوية الحيوية المتقدمة من خلال إتحاد شركات عالمية ومحلية.
تشهد إنجازات الدكتور خالد الموسى خلال العقود الماضية على رؤيته الاستراتيجية وتفانيه اللامحدود لإحداث ثورة في صناعات التقنية الطبية الحيوية بالمملكة ودول مجلس التعاون الخليجي. من خلال تأسيس منظومة متكاملة لنقل التقنية وتوطين صناعات مهمة وحيوية للأمن الدوائي للملكة العربية السعودية، ووضع الأساس لمستقبل صحي أفضل ونمو صناعي أكثر استدامة. تعتبر إنجازات الدكتور خالد الموسى دليل على قوة الابتكار والتعاون والاستدامة في دفع التقدم الطبي والصناعي، مما يترك أثرًا دائمًا على مشهد التقنية الطبية الحيوية سواءً على الصعيد المحلي وكذلك الإقليمي.
إدارة الخدمات الطبية والمستشفيات:
بالإضافة إلى خبرته الواسعة في تطوير الأعمال بإعتباره المؤسس للعديد من الشركات، أظهر الدكتور خالد الموسى قيادة مثالية في إدارة الرعاية الصحية والإدارة الإستراتيجية عبر القطاعين العام والخاص.
إدارة الخدمات الطبية والمستشفيات - القطاع الخاص (2005-2010):
بعد إنتقاله إلى القطاع الخاص في عام 2005، إنطلق الدكتور خالد الموسى في رحلة لإنشاء بعض أكثر المرافق الطبية تميزًا في المملكة العربية السعودية. وقد وضعت هذه المؤسسات معايير جديدة للخدمات الطبية وجراحات اليوم الواحد، مما أدى إلى رفع جودة معايير تقديم الرعاية الصحية في المملكة:
مجموعة الطب والتكنولوجيا (2005):
تعمل شركة الطب والتكنولوجيا في مجالات متعددة في القطاع الطبي الخاص. حيث تشمل إدارة المستشفيات، وكالات أجهزة ومستلزمات طبية، مركز جراحات اليوم الواحد، ومجمعات طبية متخصصة.
مجمع عالم العيون الطبي والجراحي (2007):
يقدم مجمع عالم العيون الطبي الجراحي خدمات طبية وجراحية شاملة كافة التخصصات الدقيقة في مجال طب وجراحة العيون والبصريات. جميع التخصصات بإشراف أطباء إستشاريين سعوديين من ذوي الخبرات الكبيرة. ويقدم المركز كذلك خدمات جراحية تشمل الليزك، الماء الأبيض والعمليات الصغرى للعيون.
مجمع الجراحين السعوديين لجراحات اليوم الواحد (2009) :
المجمع بإدارة وإشراف إستشاريون سعوديون في تخصصات دقيقة. ويقدم المركز خدمات طبية وجراحية شاملة.
إدارة المستشفيات وأنظمة الرعاية الصحية - القطاع العام (1992-2005):
تميزت مساهمات الدكتور خالد الموسى في الرعاية الصحية العامة في السعودية بإنجازات رائعة في تطوير أنظمة الخدمات الطبية والمستشفيات. وقد قدمت أدواره في هذا القطاع خبرة قيمة شكلت الأساس لمشاريعه المستقبلية.
البداية المهنية والتطور الأكاديمي:
أكمل الدكتور خالد الموسى سنة الإمتياز في العام 1992، مكتسبًا خبرة مبدئية من جميع المستشفيات الحكومية التي تدرب بها لمدة 3 أشهر في كل مستشفى وتشمل مستشفى الحرس الوطني، المستشفى العسكري، مستشفى قوى الأمن ومستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث.
البداية العملية:
مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث (1993-1995)
بدأ الدكتور خالد الموسى مسيرته الوظيفية في عام 1993 في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، كمشارك في برنامج تطوير الكفاءات السعودية.
في العام 1994 حصل على قبول من جامعات أمريكية وبريطانية لدراسة الماجستير في تخصص إدارة الخدمات الطبية والمستشفيات.
في عام 1995، حصل على منحة دراسية من وزارة التعليم العالي لدراسة درجة الماجستير والدكتوراة في إدارة المستشفيات والخدمات الطبية في المملكة المتحدة. ساعدت هذه الدراسة المتقدمة في صقل خبرته في إدارة الرعاية الصحية والإدارة الاستراتيجية وكانت نقطة تحول كبرى في المسيرة العلمية والعملية وتغيير التخصص إلى إدارة المستشفيات والرعاية الطبية ولاحقاً الإدارة الإستراتيجية وتطوير الأعمال.
مستشفى قوى الأمن (الرياض - 1997)
مدير التوظيف المحلي والدولي
مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون (2000-2002):
مدير عام إدارة الخدمات العلاجية والعيادات والطوارئ
مستشفى الإيمان العام (2003-2005):
المدير العام التنفيذي
العضوية في اللجان ومجالس الإدارة – القطاعان الحكومي والخاص:
يتمتع الدكتور خالد الموسى بعضوية وأدوار قيادية مرموقة في العديد من اللجان ومجالس الإدارة في القطاعين الحكومي والخاص. تعكس هذه الأدوار الإستراتيجية مساهماته الواسعة ورؤيته الاستثنائية في مجالات الرعاية الصحية، صناعات التقنية الطبية الحيوية، الاستشارات الإدارية، الإدارة الإستراتيجية وتطوير الأعمال.
القطاع الحكومي:
عضو اللجنة العليا للبحث والتطوير والابتكار (2021-2024):
بتاريخ 23 مارس 2021، صدر قرار مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، برئاسة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ورئيس اللجنة العليا للبحث والتطوير والابتكار، بتعيين الدكتور خالد الموسى ممثلاً للقطاع الخاص في اللجنة العليا للبحث والتطوير والابتكار برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء.
القطاع الخاص:
المؤسس، ورئيس مجلس الإدارة، والمدير العام للشركة السعودية للصناعات الطبية الحيوية (سعودي بايو-2010-2020):
أسس الدكتور خالد الموسى وقاد مساعي توطين صناعة التقنية الطبية الحيوية في المملكة، مع التركيز على صناعة الإنسولين وعلاجات السرطان، مما عزز مكانة السعودية كرائد إقليمي في صناعة الأدوية الطبية الحيوية، وفتح أبواب جديدة أمام الابتكار الطبي في المنطقة.
المؤسس ورئيس مجلس الإدارة، والمدير العام لشركة لقاح للصناعة القابضة (2022):
من واقع الشعور بالمسؤولية الوطنية وكذلك إستثماراً للخبرات الكبيرة، يقود الدكتور خالد الموسى توطين صناعة اللقاحات ونقل التقنية من خلال تأسيس وبناء أول مصنع للقاحات في السعودية والأكبر في الشرق الأوسط، بهدف تعزيز قدرة المملكة على مواجهة التحديات الصحية وتعزيز الاعتماد الذاتي في تصنيع اللقاحات، مما يضع أساسًا قويًا للإستعداد الطبي المستدام والأمن الدوائي.
رئيس مكتب الدكتور خالد الموسى للاستشارات الإدارية (2020):
يقدم هذا المكتب خدمات إستشارية في مجالات متعددة وتشمل الإدارة الإستراتيجية، الصناعات الطبية الحيوية، تطوير الأعمال، الإستثمارات المحلية والدولية.
المؤسس ورئيس مجلس الإدارة لشركة الابتكارات الحيوية للبحث والتطوير والإبتكار (2023):
تقود هذه الشركة مشاريع بحث وتطوير رائدة لتطوير اللقاحات والبيولوجيات والدراسات السريرية لفيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS) وذلك بالتعاون مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وكلية طب بايلور الأمريكية.
المؤسس ورئيس مجلس الإدارة لشركة عصر التقنية الحيوية لتأسيس المصانع وإدارة مشاريع التقنية الحيوية (2021):
يساهم الدكتور الموسى من خلال هذه الشركة في تعزيز البنية التحتية للتكنولوجيا الطبية الحيوية وتأسيس مصانع الأدوية الحيوية في المملكة عبر تقديم حلول إدارة مشاريع متطورة ومن خلال إتحاد شركات محلية ودولية مرموقة لإنشاء المصانع وإدارة المشروع.
المؤهلات العلمية للدكتور خالد الموسى:
التعليم الطبي الأساسي: (BMSc.)
حصل الدكتور خالد الموسى على درجة البكالوريوس في العلوم الطبية من كلية العلوم الطبية التطبيقية بجامعة الملك سعود في الرياض.
الدراسات العليا: (MSc., PhD., DBA.)
حدثنا عن رحلتك في عالم الصناعات الحيوية... من أين بدأت؟ وما اللحظة التي شعرت فيها أن هذا المجال هو طريقك؟
بدأت فكرة نقل التقنية في العام 2005 عندما كنت أشارك في مؤتمرات عالمية وأثناء دراستي ورحلاتي المتعددة، وطرحت على نفسي سؤالًا مهمًا: لماذا لا نمتلك مصنعًا طبيًا حيويًا في السعودية مثل مصانع الإنسولين أو علاجات السرطان أو اللقاحات؟ ما هي العوائق التي تحول دون تحقيق ذلك؟ كيف يمكننا نقل هذه التقنيات إلى بلادنا؟ لأن هذه الأدوية حيوية وأساسية في حياة الناس، مع العلم أن معظم المصانع التي لدينا( كانت تزيد عن 40 مصنعًا)، لكنها كانت تقتصر على الأدوية العادية ولا تساهم بشكل كبير في تعزيز الأمن الدوائي في المملكة.
كيف وُلدت فكرة "لقاح للصناعة"؟ وما أهميتها في تعزيز الأمن الصحي والاكتفاء الدوائي الوطني؟
لقاح للصناعة" لم تكن فكرة... كانت استجابة لحاجة وطنية، رأينا كيف أن الاعتماد على الخارج في الأدوية واللقاحات قد يُعرّض أمننا الصحي للخطر ولنا في كورونا خير مثال. بعد الاستحواذ على سعودي بايو بدأت أبحث بعمق عن سبب غياب مصنع لقاحات في السعودية. رغم وجود محاولات وتعاونات، إلا أنه لا يوجد مصنع حقيقي وفعّال، والسعودية – حسب تقارير منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي – هي الدولة الوحيدة في مجموعة العشرين التي لايوجد بها مصنع لقاحات بشرية.
طرحت هذا السؤال على نفسي، خصوصًا أن المملكة لا ينقصها شيء من الكفاءات أو الإمكانات. وبدأنا ندرس بجدية معوقات توطين صناعة اللقاحات.
أعددنا دراسة أكاديمية موسعة (قرابة 300 صفحة) حددنا فيها 7 عوائق رئيسية، وعيّنا شركة عالمية لدراسة السوق المحلي واحتياجات الدولة. ومع فريق علمي سعودي، اشتغلنا على تحليل كل عقبة ووضع حلول عملية.
في يناير 2022، بدأنا فعليًا في تأسيس شركة لقاح للصناعة ( مصنع اللقاحات البشرية )، ووقعنا مع شركات عالمية في الجوانب الهندسية والفنية. وبعد 3 سنوات من التخطيط، انطلق البناء مطلع 2025 على أرض مساحتها 42 ألف متر مربع، ليكون أكبر مصنع لقاحات في الشرق الأوسط، بأكثر من خط إنتاج لتغطية جميع اللقاحات الأساسية، بهدف تحقيق الاكتفاء الوطني والأمن الدوائي. كما تم تخصيص خط إنتاج للاستعداد للوباء القادم
ما أبرز المنتجات أو المشاريع الحالية التي تعملون عليها في "لقاح للصناعة" ؟ وهل هناك خطط للتوسع نحو أسواق عربية أو عالمية؟
نحن نعمل على مجموعة من المشاريع الحيوية المهمة مثل تطوير اللقاحات المحلية وعلى رأسها تطوير لقاح لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية بجانب لقاحات لبعض الأمراض الوبائية والموسمية، أيضاً لدينا خطة لتوسيع أسواقنا في المنطقة العربية وربما على مستوى عالمي في المستقبل، من خلال التعاون مع شركات دولية أخرى لتوسيع نطاق إنتاج اللقاحات في السعودية.
ما الدور الذي يمكن أن يؤديه الشباب السعودي اليوم في هذه الصناعات؟ وما المهارات أو التخصصات التي ترون أننا بحاجة إليها؟
الشباب السعودي اليوم هم القلب النابض لمستقبل صناعة الأدوية الحيوية واللقاحات في المملكة. نحتاجهم في تخصصات دقيقة مثل التقنية الحيوية، علم الجينات، والهندسة الوراثية، لكن أيضًا نحتاج منهم مهارات في الإدارة وقيادة المشاريع، لأن الصناعة لا تعتمد فقط على الجانب العلمي، بل على منظومة متكاملة من البحث، والتطوير، والإنتاج، والتسويق.
فرص كبيرة تنتظرهم في هذا القطاع، وهو مجال ما زال عدد السعوديين فيه قليل، ويفتح أبواب واسعة لكل من يملك الشغف والعلم والطموح.
في ظل رؤية المملكة 2030، ما هي رؤيتكم لمستقبل الصناعات الدوائية والحيوية في السعودية؟ وكيف يمكن أن نصبح مركزًا إقليميًا في هذا المجال؟
رؤيتنا لمستقبل الصناعات الحيوية في السعودية تتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030، حيث نسعى لأن نصبح مركزًا إقليميًا في هذا القطاع من خلال بناء قدرات محلية قوية، وتوطين التقنيات الحديثة، وتعزيز التعاون مع شركات عالمية.
ونحن في منصة جين نؤمن أن للعلماء والقادة قصصًا لا تُروى إلا حين تُطلب... فهل هناك مشروع جديد، أو فكرة واعدة، تود أن تكشف عنها لأول مرة عبر منصتنا؟
نعم، نعمل حاليًا على مشروع نوعي بالشراكة مع المعهد الوطني الإيرلندي لتدريب صناعة التقنية الحيوية "نايبيرت" ، وهي من الجهات العالمية الرائدة في التدريب بمجال التقنية الحيوية. المشروع يهدف إلى استقطاب برامجهم وتوطينها داخل السعودية، بحيث نخلق مسار تدريبي احترافي يواكب أعلى المعايير العالمية.
الفكرة إن الشباب السعوديين لا يحتاجون على السفر للخارج لكي يتأهلون، بل يتلقّون التدريب في السعودية، ثم ينتقلون للتطبيق العملي المكثف داخل منشآت متخصصة محلياً. هذا المشروع بإذن الله سيساهم في تأهيل كوادر وطنية تمتلك المهارة الحقيقية في مجال التقنية الحيوية، ويدعم بشكل مباشر استراتيجية السعودية في توطين هذه الصناعات الحيوية.
وأخيرًا، ما الكلمة التي تحب أن توجهها لكل شاب أو شابة في السعودية أو الوطن العربي، ممن يحملون الشغف بالعلم ويريدون أن يكون لهم دور في المستقبل؟
أنصح الشباب السعودي أولًا أن يثقوا بأنفسهم و بوطنهم وبقيادتهم. نحن اليوم نعيش في دولة أصبحت قائدة في العالم العربي والشرق الأوسط في مجالات التقنية والذكاء الاصطناعي، بل والأولى عالمياُ في الذكاء الاصطناعي. هذه فرص تاريخية يجب استغلالها لتطوير الذات والانخراط في مجالات المستقبل.
على مستوى الأعمال، أنصح بالتوجه للصناعات الطبية والتقنية الحيوية. هذا قطاع واعد، وفرصه كبيرة، وعدد السعوديين فيه لايزال قليل، مما يجعله مجالًا مفتوحًا للشباب والبنات الطموحين، سواء بالدراسة أو التطوير المهني أو العمل في المصانع.
وعلى المستوى الشخصي، أقول: سرّ النجاح يبدأ من الإيمان بالله، ثم الثقة بالنفس. أيضًا الإخلاص و وضوح الهدف، والنوايا الطيبة، هي مفاتيح التوفيق، ومن يسير بهذه المبادئ، فـ سيفتح الله له الأبواب.
لو كُنت ستكتب سطرًا واحدًا يُلهم الجيل القادم ويُعبّر عن حلمك لمستقبل السعودية... ماذا ستكتب؟
كما جعل سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بلادنا من الدول الرائدة عالميًا في عدة مجالات، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، ستصبح المملكة، بإذن الله، من أبرز الدول في العالم في مجال الصناعات الحيوية واللقاحات.