لقاء د. عبدالمجيد الرفاعي

‏١-بدايةً، نود أن تعرفنا بنفسك ، و متى بدأت رحلتك مع علم الجينات و التقنية الحيوية ؟

‏عبدالمجيد فهد الرفاعي، استاذ جامعي و متخصص في علم الخلية و التقنية الحيوية و مهتم بالهندسة الوراثية و نشر الاكتشافات و الابتكارات العلمية. بدأت الرحلة مع مقررات الاحياء ثم مقرر الوراثة في مرحلة البكالوريوس و البداية الفعلية مع الجينات كانت في مرحلة الماجستير.

‏٢-هل هناك قصة أو لحظة معينة كانت وراء اختيارك لهذا التخصص ؟ أم أنه كان شغفًا نما مع الوقت ؟

‏لم تكن هناك قصة أو لحظة معينة بل في دراسة الماجستير كانت أول تجربة حول التعديل الجيني وهي تحويل C الى G في الحمض النووي و كذلك درسنا وظائف عدة جينات خلال مراحل النمو و التطور و في مقرر الهندسة الوراثية درسنا التقنيات الحيوية المستخدمة في التعديل الوراثي. بعد ذلك اصبح كل اهتمامي منصب على الهندسة الوراثية و التقنيات الحيوية التي تساعدنا على فهم دور الجينات في نماذج بيولوجية مختلفة. و في مرحلة الدكتوراه كانت كل مشاريعي حول التعديل الجيني بعدة تقنيات على الكائنات الحية و محاولة معرفة وظائف عدد من الجينات و كلها موثقة في ابحاث منشورة.

‏٣-من بين مشاريعك و أبحاثك ، ما العمل الذي تعتز به أكثر من غيره ؟ ولماذا ؟

‏هذا السؤال صعب الاجابة لأن لكل بحث قيمته و مكانته و سأذكر بعضها. فمثلاً ابحاث مرحلة الدكتوراه لها مكانة خاصة لأنها كانت رحلة ممتعة لعدة سنوات و هي ابحاث حول عائلة Wnt/FZD

كذلك أول بحث نشرته مع طلبة البكالوريوس حول فيروس كورونا و وثقنا فيه جهود دولتنا التي بذلتها لحماية المواطنين والحرمين من تفشي هذا المرض و الذي أصبح البحث الاكثر تحميلاً في المجلة.

و كذلك أول بحث لطلابي في مرحلة الماجستير حول الأمراض الوراثية. و بحث حول مشروع الجينوم السعودي و الذي أحدث أصداء كبيرة و اقترحنا فيه مع الزملاء أول استراتيجية لمشاركة البيانات الوراثية و بفضل الله تم نشر لائحة مشاركة البيانات الوراثية في أواخر عام ٢٤ من قبل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.

و كذلك بحث جينوم صقر الجير الذي تصدر غلاف مجلة جامعة اكسفورد G3

و يوجد عدد آخر من الابحاث و لا يتسع المجال لذكرها جميعاً و الأبحاث هي نتيجة جهود جماعية نفتخر بمخرجاتها و بالعلماء الذين يشاركوننا رحلة الاكتشاف.


‏٤-كيف ترى واقع البحث العلمي في مجال التقنية الحيوية داخل المملكة؟ وما أبرز التحديات التي تواجهكم كمتخصصين؟

الواقع البحثي في مجال التقنية الحيوية مُشجع و يوجد لدينا بُنية تحتية متقدمة و متطورة و ينتج منها ابحاث عالية الجودة و كذلك براءات اختراع. وهذا يدل أيضاً على أن لدينا قدرات بشرية تمتلك مهارات عالية و تستطيع أن تنافس الباحثين على مستوى العالم. و لا يوجد بيئة بحثية بدون تحديات و منها على سبيل المثال عدم استدامة تمويل المشاريع البحثية و قلة التحالفات الوطنية البحثية المستدامة. و كذلك الدعم اللوجستي يحتاج الى آليات تطويرية تُسهل نقل العينات و المواد المعملية.

‏٥-برأيك ، هل زاد وعي المجتمع بتقنيات الجينوم و التعديل الجيني ؟ أم لا زالت هناك فجوة ؟

‏نعم زاد و بشكل كبير خاصة بعد أزمة كورونا فنجد أن تقنية الـ PCR أصبحت التقنية الاشهر عالمياً. و كذلك الفحوصات الوراثية ساهمت في زيادة الوعي حول تقنيات الجينوم.

و تطورات العلاج الجيني تلقى تفاعل كبير من قبل المجتمع و هذا ساعد على تقبل فكرة التعديل الجيني كخيار دوائي. و لكن نحتاج الى حملات تثقيفية أكثر لتوضيح اهمية هذه التقنيات الحيوية في المجال الصحي و الغذائي و البيئي.

‏٦-ما هو توقعك لمستقبل التقنية الحيوية و علم الجينوم في السعودية في ظل رؤية المملكة ٢٠٣٠ و الاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية؟

‏تدشين سمو ولي العهد الامير محمد بن سلمان حفظه الله لمعمل مشروع الجينوم السعودي و للاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية أكبر دليل على اهتمام الدولة بهذا القطاع الحيوي و كان هذا التدشين بمثابة إنطلاق العصر الذهبي للتقنية الحيوية و الجينوم في السعودية. فهي خارطة طريق للباحثين و للمستثمرين و لطلبة الجامعات لاستكشاف و استغلال الفرص المحددة في الاستراتيجية. و هذا بلا شك سيوحد الجهود نحو الاحتياجات الوطنية و جعل السعودية مركز عالمي في مجالات التقنية الحيوية المتقدمة. و نلاحظ أن هناك عدة شركات سعودية انطلقت في مجالات الجينوم و التقنية الحيوية و التصنيع الدوائي منها شركات تابعة لصندوق الاستثمارات العامة. و تطورات الذكاء الاصطناعي أحدثت نقلة كبيرة في الجينوم و في اكتشافات التقنية الحيوية في السعودية و في العالم أجمع.

‏٧-ماذا تقول لطالب أو طالبة في بداية طريقهم الجامعي و يفكرون بدخول هذا المجال ؟ كيف يعرفون إن كان هذا التخصص مناسباً لهم ؟

‏أقول لهم أنتم في العصر الذهبي للعلوم بصفة عامة و التقنية الحيوية بشكل خاص. و الأهم يجب على الطلبة ان يحددوا خياراتهم التخصصية مبكراً ثم عليهم أن يبدعوا و يتميزوا فيها. و تخصص التقنية الحيوية يتطلب تحصيل معرفي عالي ثم مهارات معملية متقدمة في الأحياء الجزيئية ثم لابد من لغة انجليزية قوية لأنها هي لغة هذا العلم.

‏يعرفوا أن هذا التخصص مناسب لهم اذا ابدعوا في مقرر علم الخلية و الاحياء الجزيئية و الكيمياء الحيوية (النظري و العملي) و التقنية الحيوية فهذه مؤشرات تكفي لمعرفة مناسبة هذا التخصص.

‏٨-ما هي أبرز الفرص الواعدة التي تراها اليوم في مجال التقنية الحيوية في السعودية ؟ و هل الجيل الجديد مستعد لاقتناصها ؟

‏في ظل رؤية ٢٠٣٠ و الاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية الفرص واضحة مثل وضوح الشمس. فيجب على الطلبة قراءة الرؤية و ملف الاستراتيجية فسيجدون الفرص واضحة امامهم. فمثلاً في الاستراتيجية يوجد اربع توجهات رئيسية وهي اللقاحات و التصنيع الحيوي و الجينوم و تحسين زراعة النباتات فهذه التوجهات و التخصصات التي لها علاقة بها فيها فرص كبيرة. والمعهد الوطني لأبحاث الصحة أعلن عن أولوياته و منها تطوير أدوية مبتكرة. و هيئة تنمية البحث و التطوير و الابتكار أعلنت الاولويات البحثية و منها صحة الانسان و استدامة البيئة. و أنا اضيف أن تخصصات العلاج الخلوي و التعديل الجيني و تقنيات تطوير المنتجات الزراعية و تقنيات استخلاص المركبات الحيوية من النباتات و الكائنات البحرية سيكون لها مستقبل كبير. و لاننسى تخصصات التقنية الحيوية البيئية و الخضراء و إدارة مشاريع التقنية الحيوية و إدارة الابتكار الحيوي و غيرها من التخصصات ذات العلاقة. و من الفرص الجديدة تطوير المهارات الخاصة باستخدام الذكاء الاصطناعي في تجارب التقنية الحيوية و تعلم اللغات البرمجية أصبح مطلوب في كثير من الشركات.

‏و أخيراً كذلك تابعوا اخبار مشاريع وزارة البيئة والمياه والزراعة و مراكزها الوطنية و برامجها فستجدون أن التقنيات الحيوية موجودة في كل مكان مثل مشاريع التحسين الوراثي و تطوير الاستزراع السمكي و زيادة انتاج المحاصيل الزراعية. و كذلك تابعوا حسابات الشركات المتخصصة في هذا المجال مثل شركات نيوم و شركة لايفيرا و لين و غيرها لكي تبقوا على اطلاع تام على مستجدات سوق العمل و مشاريعه في التقنية الحيوية.

‏٩-لو أتيحت لك دقيقة لتوجّه فيها كلمة لكل شاب أو شابة في السعودية أو في وطننا العربي يطمحون للعلم و المعرفة ، ماذا تقول لهم؟ و كيف ترى دورهم في بناء مستقبل علمي مزدهر يليق بطموحات أوطاننا ؟

‏أقول لهم أنتم تعيشون في عهد الرؤية و التطور العلمي الكبير. و المعرفة متاحة لكم بالمجان في جوالاتكم فليس لكم عذر من أن تطوروا من مستواكم العلمي لكي تنافسوا العالم و تساهموا في تطور اوطانكم و ترتقون سلم الاكتشاف و المعرفة.

‏الشباب هم قادة المستقبل و هم أمل الاوطان و الفرص للمبدعين متاحة لكي يصنعوا نجاحات كبرى يفتخرون بها و تفتخر بهم أوطانهم.

‏و في ظل توفر مصادر المعرفة من ارقى الجامعات و بالمجان يستطيع أي شاب أن يبدع إذا أدار وقته بكفاءة و ركز جهده على تخصص معين و في تطوير مهارة محددة فسيكون أحد أعمدة هذا التخصص و بلا منازع.

‏كذلك على الطلبة الاستعداد للمستقبل قبل التخرج من خلال الدورات التخصصية و المهنية و عمل الاختبارات المطلوبة و القيام بالحصول على خبرة عملية في التخصص.

‏١٠- إذا كان لديك سؤال أو تعليق ترى أنه يستحق الطرح و تحب أن ندرجه في الحوار ، فيسعدنا أن نكتبه و تجيب عليه.

‏اشكر جين العربية على الاستضافة و إتاحة المجال بهذا الحوار. و مبادرة جين العربية افتخر بها و اتمنى لها النجاح لكي تُلهم و تثقف المجتمع و الطلبة حول مستجدات العلوم و الجينات و التقنية الحيوية. و بلا شك سوف تساهم في إثراء المحتوى العلمي العربي و صناعة مجتمع المعرفة.